إصدارات PDF

الظلم ظلمات PDF / للشيخين: خالد بن عبد الرحمن – أحمد عمر بازمول

اَلظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ

خُطْبَةٌ لِفَضِيلَةِ الشَّيْخِ /

خَالِدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ زَكِيٍّ الْمِصْرِي

حَفِظَهُ اللَّهُ-

تَعَدِّيكَ عَلَى أَخِيكَ … ظُلْمٌ

لِفَضِيلَةِ الشَّيْخِ /

أَحْمَدَ بْنِ عُمْرَ سَالِم بَازْمُول

-حَفِظَهُ اللَّهُ-

إِشْرَافُ/ الْقِسْمِ الْعِلْمِيّ بِمُؤَسَّسَةِ مِنْهَاجِ الْأَنْبِيَاءِ

تحميل الملف بصيغة PDF

تحميل الملف مضغوطًا بصيغة ZIP


مقتطفات من الإصدار .

… أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ إِنَّ صَلَاحَ دِينِ الْعَبْدِ وَاسْتِقَامَتِهِ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلِلْعَبْدِ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- حَقَّانِ فَرَضَهُمَا اللَّهُ عَلَيْهِ: (حَقُّ اللَّهِ؛ وَحَقُّ الْمَخْلُوقِ)، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْعَبْدِ إِلَّا بِأَدَاءِ كِلَا الْحَقَّيْنِ، فَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ صَلَّى وَصَامَ، وَعَبْدَ رَبَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِكُلِّ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْعِبَادَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ حَقَّ الْخَلْقِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ مَا لَمْ يَعْفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ-صَلَّى الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ : «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


… رُبَّمَا إِذَا رَأَيْتَ الْغَنِيَّ يَمْرَضُ تَنْطَلِقُ الْبَلَدُ كُلُّهَا لِزِيَارَتِهِ وَعِيَادَتِهِ، وَرُبَّمَا يَمْرَضُ الرَّجُلُ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَعِيشُ بِمَرَضِهِ وَيَمُوتُ وَلَا يَطْرُقُ بَابَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَزْهَدُونَ فِيهِ لِفَقْرِهِ، وَأَمَّا ذَاكَ الْغَنِيُّ فَإِنَّ هَذَا يَظْهَرُ حَتَّى فِي الْجَنَائِزِ فَبَعْضُ النَّاسِ إِذَا سَمِعَ بِمَوْتِ غَنِيٍّ سَارَعَ إِلَى الْجَنَازَةِ، بَيْنَمَا يَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَالنَّبِيُّ -صَلَّى الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ : « يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، وَهُوَ خَمْسُ مِئَةِ عَامٍ»، فَأَدَاءُ الْحُقُوقِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ اللَّازِمَةِ، فَلَا تَذْهَبْ تُصَلِّي وَتَحُجُّ؛ وَتُفَرِّطُ فِي حُقُوقِ الْخَلْقِ، سُئِلَ النَّبِيُّ-صَلَّى الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عَنِ امْرَأَةٍ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ»، إِيذَاءُ الْجَارِ لَاسِيمَا إِذَا كَانَ ضَعِيفًا وَلَا يَجِدُ مَنْ يَنْصُرُهُ فَيَتَجَرَّؤُ الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ، تُؤْذِي جَارَكَ تَمْنَعُهُ حَقَّهُ، وَتَأَمَّلْ! كَيْفَ كَانَتْ أَخْلَاقُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فِي الْإِحْسَانِ وَفِي أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي افْتَرَضَهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِمْ، مَرَّ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَوَجَدَ خَشَبَةً قَدْ وَضَعَهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- فِي جِدَارِ جَارِهِ؛ فَقَامَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَكَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- فَنَزَعَهَا، فَلَمَّا أَنْ نَزَعَهَا جَاءَ صَاحِبُ الْجِدَارِ أَوْ صَاحِبُ الْخَشَبَةِ فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» فَقَالَ عُمَرُ: «وَاللَّهِ لَا تَضَعُهَا إِلَّا عَلَى كَتِفِي» فَقَامَ وَطَلَبَ صَاحِبَ الْخَشَبَةِ لِيَضَعَهَا، وَقَالَ عُمَرُ: «وَاللَّهِ لَا تَضَعُهَا إِلَّا عَلَى كَتِفِي»، هَكَذَا كَانُوا يَنْقَادُونَ لِشَرْعِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقِفُونَ عِنْدَ حُدُودِ اللَّهِ.


… فَإِنَّ الَّذِي يَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ يَدُومَ إِحْسَانُكَ إِلَى أَقَارِبِكَ، وَإِنْ رَدُّوا إِحْسَانَكَ بِالْجَهَالَةِ، لِأَنَّكَ تَعْمَلُ مَا تَعْمَلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا تَنْتَظِرُ مِنْهُمْ إِحْسَانًا -فَأَحْسَنُوا أَوْ أَسَاؤُوا- فَلَا تَزَالُ مُحْسِنًا كَمَا قَالَ اللَّهُ مُؤَدِّبًا وَمُثْنِيًا عَلَى عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [اَلْإِنْسَان:8-9]، فَأَحْسِنْ إِلَى الْخَلْقِ وَلَا تَنْتَظِرْ مِنْهُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، لَا تَنْتَظِرْ مِنَ الْخَلْقِ وَلَوْ أَنْ يَرُدُّوا إِحْسَانَكَ بِكَلِمَةِ شُكْرٍ، وَهَذَا هُوَ تَمَامُ الْإِخْلَاصِ وَكَمَالُهُ أَنْ تُحْسِنَ وَأَنْتَ تَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}، وَهَذِهِ مَرَاتِبُ الصَّالِحِينَ وَمَرَاتِبُ الْمُحْسِنِينَ.


… وَاحْذَرْ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِمًا فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْكَ لِوِلَايَتِهِ كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-قَالَ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ»، فَاللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- يُحَارِبُ مَنْ يُؤْذِي أَوْلِيَاءَهُ، وَاللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَغْضَبُ لِغَضَبِ أَوْلِيَاءِهِ وَالصَّالِحِينَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَنْتَقِمُ مِمَّنْ يَظْلِمُ الْخَلْقَ وَيَعْتَدِي عَلَيْهِمْ، وَجَزَاءُ الظَّالِمِ أَنْ يُحْشَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذَلِيلًا، يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَمْثَالِ الذَّرِّ يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِمْ، يَبْعَثُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-الظَّالِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقِيرًا صَغِيرًا ذَلِيلًا حَتَّى يُدَاسَ بِالْأَقْدَامِ.


… فَاللِّسَانُ كَمَا نَبَّهَ الْعُلَمَاءُ أَمْرُهُ خَطِيرٌ جِدًّا لِذَلِكَ سُئِلَ النَّبِيُّ-صَلَّى الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عَنِ امْرَأَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا تَقُومُ اللَّيْلَ تَطَوُّعًا وَتَصُومُ النَّهَارَ تَطَوُّعًا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَلَكِنَّهَا  تُؤْذِي جِيرَانَهَا فَقَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ» وَسُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ تَصُومُ شَهْرَهَا وَتُصَلِّي فَرْضَهَا؛ لَكِنْ لَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ»، فَالْأَذَى بِاللِّسَانِ أَوْ بِالْفِعَالِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ مِنَ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ عِنْدَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْهِرَّةِ الَّتِي حَبَسَتْهَا تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ بِسَبَبِهَا النَّارَ، حَيَوَانٌ بَهِيمٌ مَعَ ذَلِكَ -بِسَبَبِ الْأَذَى- عَاقَبَ اللَّهُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ بِهَذَا الْعَذَابِ.


… فَإِذَنْ-بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ- هَذَا تَذْكِيرٌ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعَظِيمَةِ؛ لِأَنَّنَا قَدْ نَظُنُّ أَنَّنَا إِذَا صُمْنَا يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ فَعَلْنَا بَعْضَ الْأَعْمَالِ الَّتِي فِيهَا مَغْفِرةُ الذُّنُوبِ، نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْبَابَ سَيُغْفَرُ وَهَذَا خَطَرٌ عَظِيمٌ، بَلْ هَذَا الْبَابُ سَيَبْقَى، فَإِنَّ الْأَلْبَانِيَّ إِمَامَ أَهْلِ السُّنَّةِ حَسَّنَ حَدِيثًا فِي «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ» فِيمَا مَعْنَاهُ: «أَنَّ الدَّوَاوِينَ ثَلَاثَةٌ: دِيوَانٌ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ أَبَدًا -وَهُوَ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ؛ وَأَنْ يُجَنِّبَنِي وَإِيَّاكُمْ هَذَا الْبَابَ وَهَذَا الْمَزْلَقَ الْخَطِيرَ-، دِيوَانُ الشِّرْكِ؛ فَإِنَّ هَذَا الدِّيوَانَ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ أَبَدًا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ عَلَى الشِّرْكِ لَا يُغْفَرُ لَهُ أَبَدًا {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [اَلْمَائِدَةُ:72]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [اَلنِّسَاءُ:48]، فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَدِيوَانٌ يَغْفِرَهُ اللَّهُ وَهُوَ الذُّنُوبُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ، وَدِيوَانٌ يَقْتَصُّ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِلنَّاسِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَهِيَ الذُّنُوبُ فِي مَا بَيْنَ الْعِبَادِ»، وَهَذَا الدِّيوَانُ الثَّالِثُ كَثِيرًا مَا نَغْفَلُ عَنْهُ وَكَثِيرًا مَا نَتَجَاهَلُ هَذَا الْجَانِبَ.

‫6 تعليقات

  1. بارك الله فيكم على هذا العمل الجبار الذي أنتم بصدد القيام به من أجل أيصال الرسالة الاسلامية التي جاء بها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام و جعلكم الله نبراس هذه الامة يستنرون بها في الظلمات التي يواجهونها في حياتهم اليومية جزاكم الله خيرا و بورك فيكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى