إصدارات PDF

دعوة الإخوان لـ التوبة في رمضان PDF الشيخ محمد رسلان

( دَعْوَةُ الإخْوَانِ للتوْبَةِ فِي رَمضَانَ )
للشيخ الدكتور/ مُحَمَّد سَعِيد رَسْلان – حفظه الله –

إصدار مؤسسة منهاج الأنبياء الخامس عشر المقروء.

تحميل الإصدار كاملًا PDF

تحميل الإصدار كاملًا ZIP

تحميل جزء: دعوة الإخوان PDF

تحميل جزء: دعوة الإخوان ZIP


عَلَى أَهْلِ التَّكْفِيرِ وَالتَّفْجِيرِ، عَلَى الْمُنْحَرِفِينَ الَّذِينَ ضَلُّوا السَّبِيلَ، أَنْ يَتُوبُوا إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَذِهِ فُرْصَةٌ وَرُبَّمَا لَمْ يَشْهَدُوهَا بَعْدُ، فَلْيَغْتَنِمُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنَّا لَأَنْفَعُ لَهُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، إِنَّنَا نَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَتَابِ، إِلَى كَفِّ الْأَيْدِي عَنْ أَبْشَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَنِ الْوُلُوغِ فِي دِمَائِهِمْ، وَعَنِ التَّكْفِيرِ وَالتَّفْجِيرِ، وَالتَّخْرِيبِ وَالتَّدْمِيرِ، عَنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَإِفْسَادِ الْبِلَادِ وَقَتْلِ الْعِبَادِ، نَدْعُوهُمْ إِلَى الْمَتَابِ، وَنُحَذِّرُ النَّاسَ مِنْهُمْ فِي آنٍ؛ لِتَقِلَّ خَطَايَاهُمْ، فَإِنَّ النَّاسَ إِذَا انْفَضُّوا عَنْهُمْ قَلَّتْ خَطَايَاهُمْ، فَنَحْنُ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ، قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ.

كَمَا فِي فَتَاوَى الْعُلَمَاءِ الْأَكَابِرِ: هَذِهِ نَصِيحَةٌ لِلتَّائِبِينَ مِنَ الْعَمَلِ الْمُسَلَّحِ، أَنْ يُخْلِصُوا لِلَّهِ فِي رُجُوعِهِمْ، وَهَذَا هُوَ وَصْفُ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ، وَمِنْهُ رُجُوعُهُمْ إِلَى الِاسْتِقَامَةِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَعَدَمُ الرَّتْعِ فِي الْمَذَاهِبِ الْمُنْحَرِفَةِ عَنْهُمْ، وَتَرْكُ الرَّوَغَانِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}.

أَيُّهَا الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ، أَيُّهَا الْقُطْبِيُّونَ، أَيُّهَا الْمُنْحَرِفُونَ فِي كُلِّ فَجٍّ وَبِكُلِّ سَبِيلٍ، تُوبُوا إِلَى اللهِ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ثُمَّ اسْتَقَامَ. قَالَ: لُزُومُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

قَالَ: إِنْ زَادُوا عَلَى هَذَا بَيَانَ فَسَادِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ، كَانَ ذَلِكَ أَدَلَّ عَلَى صِدْقِ التَّوْبَةِ، تَفْصِيلُهُ: يَكُونُ بِأَنْ يَعْرِفُوا خَطَأَهُمْ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ، ثُمَّ يُصْلِحُوهُ ثَانِيًا مَا اسْتَطَاعُوا، ثُمَّ يُبَيِّنُوهُ لِغَيْرِهِمْ ثَالِثًا، حَتَّى يَعْلَمَ النَّاسُ حَقِيقَةَ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ الدَّمَوِيَّةِ، وَيَتَجَنَّبُوا سَبِيلَهَا، لِأَنَّهَا شُؤْمٌ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ.

قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} أَمَّا مَعْرِفَتُهُمْ خَطَأَهُمْ، فَهَذَا أَصْلُ تَوْبَتِهِمُ الصَّادِقَةِ.

تَجَرَّدُوا، دَعُوا الْأَهْوَاءَ جَانِبًا!

طَلِّقُوا الشَّهَوَاتِ طَلَاقًا بَائِنًا!

أَعْمِلُوا عُقُولَكُمْ!

أَفْسِحُوا لِلنُّورِ حَتَّى يَدْخُلَ غَيَاهِبَ قُلُوبِكُمْ، لِيُبَدِّدَ الظُّلُمَاتِ عَنْ أَفْئِدَتِكُمْ!

تُوبُوا إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ!

كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عَنْ أَجْسَادِ الْمُسْلِمِينَ وَعَنْ أَبْشَارِهِمْ، لَا تُزْهِقُوا أَرْوَاحَهُمْ، لَا تَسْفِكُوا دِمَاءَهُمْ، لَا تُخَرِّبُوا أَوْطَانَهُمْ!

اتَّقُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي الْإِسْلَامِ!

وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فِي أَنْفُسِكُمْ!

قَدْ يَتُوبُونَ تَوْبَةً سِيَاسِيَّةً، عَلَيْهِمْ أَنْ يَتُوبُوا عَلَى بَيِّنَاتٍ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا تَحْتَ إِرْهَابِ السُّجُونِ وَدَقِّ الْأَسِنَّةِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالِاتِّصَالِ بِأَهْلِ الْعِلْمِ لِيُطْلِعُوهُمْ عَلَى الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، حَتَّى لَوْ هَاجَتْ فِتْنَةٌ -لَا قَدَّرَ اللهُ- لَمْ يَكُونُوا إِحْدَى أَدَوَاتِهَا، بَلْ ثَبَتُوا فِيهَا ثَبَاتَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي، وَإِنْ تَمَالَأَ عَلَيْهَا الْجِنُّ وَالْأَنَاسِي، وَلْيَحْذَرُوا مِنْ تَوْبَةِ مَنْ رَدَّهُ الْجِدَارُ وَهُوَ حَرِيصٌ عَلَى خَرْقِهِ، فَإِنَّ مِنَ الْعِصْمَةِ أَنْ لَا تَجِدَ، وَلَكِنْ لِيَتُوبُوا تَوْبَةَ قَادِرٍ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى الْقَدِيمِ الْفَاسِدِ، وَلَكِنْ يَتْرُكُهُ لِوَجْهِ اللهِ.

كُونُوا مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ!

احْذَرُوا أَسْبَابَ الْفِتَنِ، فَإِنَّ مِنْهَا نَشْرَ مَسَاوِئِ الْحُكَّامِ، وَالتَّحَزُّبَ ضِدَّهُمْ، وَانْتِهَازَ فُرَصِ ضَعْفِهِمْ، لِإِثَارَةِ الْعَامَّةِ عَلَيْهِمْ لِلِانْقِلَابِ عَلَى أَنْظِمَتِهِمْ، لِلْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الشُّرُورِ، فَإِنَّ التَّنَزُّهَ عَنْ هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ التَّوْبَةِ، وَصَفَاءِ السَّرِيرَةِ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُكَيْمٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: لَا أُعِينُ عَلَى دَمِ خَلِيفَةٍ أَبَدًا بَعْدَ عُثْمَانَ، قِيلَ لَهُ: يَا أَبَا مَعْبِدٍ، أَوَأَعَنْتَ عَلَيْهِ؟!

قَالَ: كُنْتُ أَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِيهِ عَوْنًا عَلَيْهِ.

أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

لِيَكُنْ هَمُّهُمُ الْأَكْبَرُ أَنْ يَرْضَى اللهُ عَنْهُمْ، وَأَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ مَا سَلَفَ، فَإِنَّهُ تَعَالَى الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، وَالْعَزِيزُ الْغَفَّارُ، الْكَبِيرُ الْمُتَعَالُ، الَّذِي تُخْشَى سَطْوَتُهُ، وَغَضَبُهُ هُوَ الْغَضَبُ الَّذِي مَا بَعْدَهُ غَضَبٌ يُبَالَى، وَلْيَكْبُرْ طَمَعُهُمْ فِي عَفْوِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

أَلَا لَا يَضِرْكُمْ كَلَامُ النَّاسِ عَنْكُمْ، ارْجِعُوا، وَلَا تُبَالُوا بِمَا يَقُولُهُ النَّاسُ عَنْكُمْ بَعْدَ رُجُوعِكُمْ وَتَوْبَتِكُمْ، كَمَا قَالَ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}.

كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ -رَحِمَهُ اللهُ- مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ زَمَنَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، ثُمَّ تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَنَدِمَ نَدَامَةً شَدِيدَةً، مَعَ أَنَّ الْحَجَّاجَ لَيْسَ بِالْوَالِي الَّذِي تُحْمَدُ سِيرَتُهُ، فَقَدْ قَالَ مَكْحُولٌ: رَأَيْتُ سَيِّدًا مِنْ سَادَاتِكُمْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ، فَقُلْتُ: مَنْ هُوَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟

قَالَ: مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ.

فَلَمَّا رَأَيْتُهُ دَخَلَ قُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ مَا يَصْنَعُ مُسْلِمٌ الْيَوْمَ.

فَلَمَّا دَخَلَ قَامَ فِي الزَّاوِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ، يَدْعُو قَدْرَ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الزَّاوِيَةِ الَّتِي فِيهَا الرُّكْنُ، فَقَامَ يَدْعُو قَدْرَ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الزَّاوِيَةِ الَّتِي فِيهَا الدَّرَجَةُ، فَقَامَ يَدْعُو قَدْرَ أَرْبَعِينَ آيَةً، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى قَامَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ عِنْدَ الرُّخَامَةِ الْحَمْرَاءِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَمَا قَدَّمَتْ يَدَايَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَمَا قَدَّمَتْ يَدَايَ. ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ الْمَرْمَرَ.

وَلِأَبِي نُعَيْمٍ زِيَادَةٌ قَالَ فِيهِ الرَّاوِي: ((فَيَرَوْنَ أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَشْهَدَ الَّذِي شَهِدَهُ يَوْمَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ، يُرِيدُ خُرُوجَهُ)).

تَأَمَّلْ هَذِهِ التَّوْبَةَ مَا أَصْدَقَهَا، مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ التَّنْبِيهُ إِلَى أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ أُخْرِجَ؛ أَيْ: أُجْبِرَ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَخَرَجَ مُكْرَهًا.

قَالَ أَيُّوبُ: قِيلَ لاِبْنِ الْأَشْعَثِ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ يُقْتَلُوا حَوْلَكَ كَمَا قُتِلُوا حَوْلَ جَمَلِ عَائِشَةَ، فَأَخْرِجْ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ مَعَكَ. قَالَ: فَأَخْرَجَهُ مُكْرَهًا. ذَكَرَهُ الْفَسَوِيُّ فِي ((الْمَعْرِفَةِ))، وَابْنُ عَسَاكِرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

مُسْلِمٌ هُوَ ابْنُ يَسَارٍ، فَزِعَ هَذَا الْفَزَعَ الْعَظِيمَ، لِأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: رُبَّمَا رَآكَ بَعْضُ النَّاسِ فِي صَفِّ الْخَوَارِجِ فَانْخَدَعَ بِكَ، وَخَرَجَ تَأَسِّيًا بِكَ حَتَّى قُتِلَ. مَعَ أَنَّهُ أُخْرِجَ مُجْبَرًا.

رَوَى أَبُو قِلَابَةَ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ صَحِبَهُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ لِي (وَذَكَرَ الْفِتْنَةَ): إِنِّي أَحْمَدُ لِلَّهِ إِلَيْكَ أَنِّي لَمْ أَرْمِ فِيهَا بِسَهْمٍ، وَلَمْ أَطْعَنْ فِيهَا بِرُمْحٍ، وَلَمْ أَضْرِبْ فِيهَا بِسَيْفٍ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ رَآكَ وَاقِفًا فِي الصَّفِّ، فَقَالَ: هَذَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، وَاللَّهِ مَا وَقَفَ هَذَا الْمَوْقِفَ إِلَّا وَهُوَ عَلَى الْحَقِّ. فَتَقَدَّمَ حِينَئِذٍ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.

قَالَ: فَبَكَى، وَبَكَى، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ قُلْتُ لَهُ شَيْئًا.

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي ((التَّارِيخِ الْكَبِيرِ))، وَابْنُ سَعْدٍ فِي ((الطَّبَقَاتِ))، بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ: فَبَكَى وَاللَّهِ حَتَّى وَدِدْتُ أَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلْتُ فِيهَا.

مَنْ تَابَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَى مَا طَابَقَ فِيهِ الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ الْمَاسُونِيَّةَ الْكَافِرَةَ الْمُشْرِكَةَ، فَمِنْ مَبْدَأِ الْمَاسُونِيَّةِ، وَهُوَ مَبْدَأُ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ: تَشْوِيهُ الْخُصُومِ بِأَسَالِيبَ غَيْرِ كَرِيمَةٍ.

مِنْ مَبَادِئِ الْمَاسُونِيَّةِ الْكَافِرَةِ: بَثُّ الْأَخْبَارِ الْمُخْتَلَقَةِ، وَالْأَبَاطِيلِ وَالدَّسَائِسِ الْكَاذِبَةِ، حَتَّى تُصْبِحَ كَأَنَّهَا حَقَائِقُ بِتَحْوِيلِ عُقُولِ الْجَمَاهِيرِ، وَطَمْسِ الْحَقَائِقِ أَمَامَهُمْ. هَذَا مِنْ مَبَادِئِ الْمَاسُونِيَّةِ الْكَافِرَةِ، وَالْإِخْوَانُ الْمُفْلِسُونَ طَابَقُوا الْمَاسُونِيَّةَ الْكَافِرَةَ فِي هَذَا الْمَبْدَأِ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ.

فَمِنْ مَبَادِئِ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ: تَشْوِيهُ كُلِّ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي فِكْرِهِمُ الْمَرِيضِ الْمُبْتَدَعِ.

فَمَنْ تَابَ مِنَ الْإِخْوَانِ، وَرَجَعَ إِلَى الصَّوَابِ وَالْحَقِّ، فَحَيَّهَلًّا بِهِ، فَلْيَعُدْ إِلَى الْحَقِّ، وَإِلَى الرُّشْدِ، وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَلْتَفِتَ إِلَى دِعَايَاتِ الْإِخْوَانِ الْفَاجِرَةِ، لَقَدْ طَابَقُوا فِيهَا الْمَاسُونِيَّةَ الْكَافِرَةَ.

هَذِهِ شَهَادَةُ الْقَرَضَاوِيِّ –قَرَضَ اللهُ لِسَانَهُ- تُبَيِّنُ الطَّرِيقَةَ الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْإِخْوَانُ فِي تَشْوِيهِ النَّاسِ، سَوَاءٌ كَانُوا أَفْرَادًا أَمْ جَمَاعَاتٍ أَمْ دُوَلًا، وَلَوْ كَانَتْ إِسْلَامِيَّةً، قَالَ: الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ إِذَا أَحَبُّوا شَخْصًا رَفَعُوهُ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِذَا كَرِهُوهُ هَبَطُوا بِهِ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى. قَالَ ذَلِكَ فِي ((سِيرَةٍ وَمَسِيرَةٍ)) فِي الْجُزْءِ الثَّانِي فِي الصَّفْحَةِ الثَّامِنَةِ وَالسَّبْعِينَ.

سَبَقَ الْقَرَضَاوِيَّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ مُؤَرِّخُ الْإِخْوَانِ مَحْمُودُ عَبْدُ الْحَلِيمِ، حَيْثُ قَالَ: يَبْدُو أَنَّ إِخْوَانَنَا قَدِ اسْتَبَاحُوا الْقَاعِدَةَ الْمِكْيَافِلِّيَّةَ الَّتِي تَقُولُ: إِنَّ الْغَايَةَ تُبَرِّرُ الْوَسِيلَةَ، طَالَمَا اعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَأَنَّ طَرِيقَهُمْ هُوَ الطَّرِيقُ الْأَمْثَلُ لِمَصْلَحَةِ الدَّعْوَةِ، وَعَلَى أَسَاسِ أَنَّ التَّيَّارَ الْمُضَّادَّ صَارَ مِنَ الْقُوَّةِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ التَّصَدِّيَ لَهُ بِالْأَسَالِيبِ الْمَشْرُوعَةِ لَجَئُوا إِلَى أُسْلُوبٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ كَرِيمٍ إِلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ لَهُمْ تَحْقِيقَ مَا يَأْمُلُونَ. ((الْإِخْوَانُ أَحْدَاثٌ صَنَعَتِ التَّارِيخَ))  فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ فِي الصَّفْحَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِئَةٍ.

بَلْ إِنَّ التَّشْوِيهَ لَيَطَالُ بَعْضَ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ فِي الْجَمَاعَةِ إِذَا مَا فَارَقُوهَا وَتَرَكُوهَا، قَالَ مُخْتَارُ نُوحُ فِي خِطَابِهِ لِمُحَمَّدِ مَهْدِيِّ عَاكِفِ [مُرْشِدُ الْإِخْوَانِ السَّابِقِ، وَالْقِيَادِيُّ الْبَارِزُ عِنْدَهُمْ]: إِنَّنَا أَضَعْنَا فِي سَنَوَاتِنَا الْأَخِيرَةِ إِخْوَانًا لَنَا سَارُوا عَلَى ضَرْبِنَا، وَحِينَ اخْتَلَفْنَا مَعَهُمْ قَطَعْنَا جُلُودَهُمْ تَقْطِيعًا، وَمَزَّقْنَا سِيرَتَهُمْ تَمْزِيقًا، وَأَهَلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ نِقْمَتِنَا وَغَضْبَتِنَا.

اخْتَلَفَ مَعَهُمْ فِي الطَّرِيقَةِ، وَعَارَضَهُمْ فِي بَعْضِ فِكْرِهِمْ وَهُوَ فِي جَمَاعَتِهِمْ، فَفَعَلُوا بِهِ مَا فَعَلُوا، فَهَلَّا طَبَّقُوا عَلَيْهِ قَاعِدَتَهُمُ الْمَأْفُونَةَ: وَيَعْذُرُ بَعْضُنَا بَعْضًا فِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ.

أَبُو الْعِلَا مَاضِي الْإِخْوَانِيُّ قَالَ مُتَحَدِّثًا عَنْ تَيَّارِ الْإِخْوَانِ الدِّيكتَاتُورِيِّ: إِنَّ التَّيَّارَ الْإِسْلَامِيَّ مَارَسَ النَّفْيَ وَالْإِقْصَاءَ وَالْقَتْلَ، وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْدِ أَنْفُسِنَا قَبْلَ أَنْ نَنْقُدَ الْآخَرِينَ.

مِمَّا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مَمْدُوحُ إِسْمَاعِيلُ: هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مِنْ عُتَاةِ الْخَوَارِجِ –عَلَيْهِمْ مِنَ اللهِ مَا يَسْتَحِقُّونَ- قَالَ فِي مَقَالِهِ ((الطَّرْدُ وَالْإِقْصَاءُ)): إِنَّ مَنْهَجَ الطَّرْدِ الْجَحِيمِيِّ يَنْدَفِعُ بِوُضُوحٍ إِلَى السَّطْحِ عِنْدَ التَّعَرُّضِ لِصَنَمِ الْجَمَاعَةِ، فَيَنْدَفِعُ الْمُغَفَّلُونَ وَالْجَهَلَةُ وَالْحَمْقَى وَالْمُتَعَصِّبُونَ بِوَعْيٍ أَوْ بِدُونِ وَعْيٍ، إِلَى التَّعَصُّبِ الْأَعْمَى بِطَرْدِ الَّذِي مَسَّ الذَّاتَ الْعُلْيَا لِلْجَمَاعَةِ، وَبِنَفْيِهِ وَصَبِّ اللَّعَنَاتِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ سَعْدُ الدِّينِ صَالِحُ: إِنَّ الْإِخْوَانَ لَيْسُوا عَلَى اسْتِعْدَادٍ إِلَى إِعْمَالِ عُقُولِهِمْ، وَلَا لِتَحْكِيمِ ضَمَائِرِهِمْ فِيمَا يُوَجَّهُ إِلَيْهِمْ مِنْ أَوَامِرَ.

جَمَاعَةُ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ تَنْظُرُ إِلَى كُلِّ مَنْ لَمْ يَنْضَوِ تَحْتَهَا بِأَنَّهُمْ صَابِئَةٌ كُفَّارٌ خَارِجُونَ عَنِ الْمِلَّةِ.

وَقَدْ أَكَّدَ السَّكَنْدَرِيُّ الْإِخْوَانِيُّ أَنَّ الْجَمَاعَةَ اتَّخَذَتِ الْحُبَّ وَالْإِخَاءَ، وَأَصْبَحَ يَتِمُّ التَّعَامُلُ مَعَ الْمُخَالِفِينَ كَالصَّابِئِينَ الَّذِينَ تَرَكُوا الدِّينَ وَالْمِلَّةَ، بَلْ إِنَّ الْقَرَضَاوِيَّ –قَرَضَ اللهُ لِسَانَهُ- يُحَدِّثُنَا عَنْ أَمْرٍ قَالَهُ هُوَ الْآخَرُ، حَيْثُ أَصْدَرَ الْإِخْوَانُ نَشْرَةً فِي حَقِّهِ وَحَقِّ آخَرِينَ مَعَهُ، فَقَالَ: وَقَدْ أَذَاعَتْ هَذِهِ النَّشْرَةُ نَبَأً قَالَتْ فِيهِ: إِنَّ الْقَرَضَاوِيَّ وَالْعَسَّالَ قَدْ مَرَقَا مِنَ الدَّعْوَةِ وَانْضَمَّا إِلَى رَكْبِ الْخَوَنَةِ. وَقَدِ اسْتَجَابَ الْإِخْوَانُ لِذَلِكَ، وَهَذَا أَمْرٌ شَائِعٌ فِي الْإِخْوَانِ.

كَلَامُهُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ مُغَالَطَةٌ، وَقَعَتْ لَا مِنْهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ مِنَ الْإِخْوَانِ أَنْفُسِهِمْ، فَقَدْ ذَكَرُوا فِي النَّشْرَةِ هَذَا النَّبَأَ: إِنَّ الْقَرَضَاوِيَّ وَالْعَسَّالَ قَدْ مَرَقَا مِنَ الدَّعْوَةِ وَانْضَمَّا إِلَى رَكْبِ الْخَوَنَةِ.

كَيْفَ يَخْرُجُونَ إِلَى رَكْبِ الْخَوَنَةِ، وَهُمْ أَصْلًا فِي رَكْبِ الْخَوَنَةِ، خَانُوا الْأُمَّةَ، عَلَيْهِمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَا يَسْتَحِقُّونَ!!

خَانُوهَا وَدَمَّرُوهَا!!

أَشْعَلُوا الثَّوَرَاتِ فِي رُبُوعِ الْبِلَادِ بِلَا مُوجِبٍ!

كَانَ النَّاسُ فِي لِيبيَا طَيِّبِينَ؛ يَحْيَوْنَ الْحَيَاةَ الْكَرِيمَةَ، فَأَجَّجَتْ قَنَاةُ الْجَزِيرَةِ شُعْلَةَ الثَّوْرَةِ الْمَعْلُونَةِ بِطَرِيقَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ.

الْمُذِيعُ فِي حُجْرَةٍ، وَلِيبِيٌّ قَائِمٌ فِي حُجْرَةٍ مُجَاوِرَةٍ، يَقُولُ: أَنَا اْلآنَ فِي مَيْدَانِ كَذَا بِطَرَابُلْسَ، النَّاسُ خَرَجُوا جَمِيعًا إِلَى الشَّوَارِعِ مُحْتَجِّينَ ثَائِرِينَ، وَالْأَعْلَامُ تُرَفْرِفُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَأَسْمَعُ دَوِيَّ طَلَقَاتِ الرَّصَاصِ بَلْ دَانَاتِ الْمَدَافِعِ!

وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَطُّ! يَجْلِسُ فِي الْحُجْرَةِ الْمُجَاوِرَةِ!

وَالْآخَرُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ اللِّيبِيَّ الطَّيِّبَ، وَيُحَرِّكُهُ مَعَ إِخْوَانِ الدَّاخِلِ مِنَ الْمُجْرِمِينَ الْخَائِنِينَ، حَتَّى وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ، وَارْتَفَعَ الْأَمْنُ، وَحَلَّتِ الْمَخَافَةُ، وَجَاءَ الْعَدَاءُ، يَخَافُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ، وَعَلَى أَعْرَاضِهِمْ، وَعَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَّا ثَرَوَاتُ الْبِلَادِ، فَإِنَّهَا تَخْرُجُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ إِلَى الْأَعْدَاءِ.

فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ، مَعَ تَغْيِيرِ الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ، وَنَسْفِ الْعَقَائِدِ وَالْأَدْيَانِ.

إِنَّهُمْ يُرِيدُونَ حَرْبَ الْإِسْلَامِ بِأَبْنَائِهِ، هَذَا هُوَ الْجِيلُ الرَّابِعُ مِنْ أَجْيَالِ الْحُرُوبِ، أَنْ تَقُومُوا أَنْتُمْ بِالنِّيَابَةِ عَنْ أَعْدَائِكُمْ بِإِشْعَالِ نَارِ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ، يَقْتُلُ الْأَخُ أَخَاهُ، وَيَسْبِي الْأَخُ أَخَاهُ، وَيَتَتَبَّعُ الْأَخُ أَخَاهُ فِي عَوْرَاتِهِ، فِي بَيْتِهِ، فِي ثَرْوَاتِهِ، فِي مُمْتَلَكَاتِهِ، لِيُدَمِّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَعْدَاؤُكُمْ لَمْ يَتَكَلَّفُوا ثَمَنَ رَصَاصَةٍ وَاحِدَةٍ!!

أَنْتُمْ تُخَرِّبُونَ بِلَادَكُمْ بِأَيْدِيكُمْ!!

لِمَاذَا يُرِيدُ الْخَوَنَةَ تَفْكِيكَ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ؟!

لِمَاذَا يُرِيدُ الْخَوَنَةُ إِسْقَاطَ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ؟!

لَقَدْ أَبْقَى اللهُ لَنَا الْجَيْشَ الْمِصْرِيَّ، فَحَفِظَ اللهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ، إِلَى يَوْمِ النَّاسِ هَذَا، وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَهُ فِيمَا يَبْقَى، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِكُمْ!

اتَّقُوا اللهَ فِي دِينِكُمْ!

اتَّقُوا اللهَ فِي بِلَادِكُمْ!

اتَّقُوا اللهَ فِي بِلَادِ الْأَرْضِ الْمُسْلِمَةِ الَّتِي يُرْفَعُ فِيهَا الْأَذَانُ، وَتُقَامُ فِيهَا الصَّلَوَاتُ، وَيُصْدَعُ فِيهَا بِالسُّنَنِ!!

اتَّقُوا اللهَ، وَلَا تُضَيِّعُوا الْمَوْجُودَ مِنْ أَجْلِ الْبَحْثِ عَنِ الْمَفْقُودِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا مُغَامَرَاتٌ لَيْسَتْ فِي دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَ بَلَدَنَا وَجَمِيعَ بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.


تحميل الإصدار كاملًا PDF

تحميل الإصدار كاملًا ZIP

تحميل جزء: دعوة الإخوان PDF

تحميل جزء: دعوة الإخوان ZIP

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى