اللغة العربية

●●هل على الزَّوج إثمٌ إذا ترك زوجته كاشفة وجهها وكفَّيها؟●●

السُّؤال:-
ما حكم كشف وجه المرأة و كفَّيها،
وهل على الزوج عقوبة إذا تركها كاشفةً الوجه والكفَّين؟

══════════ ❁✿❁ ══════════

●●جواب الشَّيخ الإمام/ مُحَمَّد بْنِ صَالِح اَلْعُثَيْمِين -رحمه الله- ●●

القول الرَّاجح في هذه المسألة وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب؛
لقول الله تعالى:-
“وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ
وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ
وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ”

و لقول الله تعالى:-
” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ
مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا”

ولحديث أم عطية -رضي الله عنها- :
“أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أمر أنْ تخرج النساء إلى صلاة العيد
حتَّى الحُيَّض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين”
════════════════════

وسُئِلَ عليه الصَّلاة والسَّلام عن المرأة ليس لها جلباب،
فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: “تُلْبِسُهَا أختها من جلبابها”
ولأدلَّة أخرى مذكورة في الكتب المعنيَّة في هذه المسألة.

ولأنَّ إخراج المرأة وجهها فتنة، يُفْتَتَنُ بها من في قلبه مرض،
و هي أشدُّ فتنةً من أن يسمع الإنسان خلخال امرأة مستورٍ في لباسها، وقد قال الله:-
“وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ”

فإذا كانت المرأة تُنْهَى أن تضرب برجلها؛
خوفًا من أن يُعْلَمَ ما تُخْفِي من زينتها فما بالك بإبداء الوجه!

أليس هذا أعظمَ فتنةً وأشدَّ خطرًا، والشَّريعة الإسلامية شريعة منتظمة
لا تتناقض ولا يمكن أن تمنع شيئًا، وتُحِلُّ شيئًا أولى منه في الحكم.
════════════════════

والشَّريعة الإسلامية جاءت لمراعاة المصالح ودرء المفاسد،
ولا يشكُّ عاقل أنَّ المرأة إنْ أخرجت وجهها؛
فإنَّه يترتب على ذلك مفاسد كثيرة، منها لغيرها ومن غيرها لها.

فإنَّها إذا أُذِنَ لها بأن تُخْرِجَ الوجه فلا تخرجه هكذا،
سوف تُدْخِلُ عليه من التَّحسينات في العين والشَّفتين والخدَّين
ما يوجب الفتنة الكبرى من النَّظر إليها وما وراءها.

ثمَّ لو فُرِضَ أنَّها تحاشت ذلك كله، وأخرجت نفس الوجه،
فإنَّ ذلك فتنة يفتتن به من في قلبه مرض.
════════════════════

ولهذا أَذِنَ الله للقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا
أن يضعن ثيابهنَّ غير متبرجات بزينة؛
ففرَّق سبحانه وتعالى بين القواعد التي لا يرجون نكاحًا لكبرهنَّ
وتحوَّل وجوههنَّ إلى وجوه لا تحصل بها الفتنة و بين غيرهنَّ.

و إنَّ الإنسان ليعجب إذا قيل إنَّه يجب على المرأة أن تستر قدمها،
ولا يجب عليها أن تستر وجهها وكفَّيها!
════════════════════

فإنَّه على فرض أنَّه لم ترد نصوص بوجوب تغطية الوجه،
فإنَّه من أقرَّ بوجوب ستر القدم يلزمه في القياس الأولوي:
“أن يقول بوجوب ستر الوجه والكفَّين لأنهما أولى بالستر من ستر القدمين”

وهذا أمر إذا تأمَّله الإنسان وجد أنَّه لا يصوغ القول بجواز كشف الوجه،
مع منع تحريم كشف القدم! لِمَا في ذلك من التَّناقض الظَّاهر.
════════════════════

بقي أن يقال إنَّ كشف الوجه تحتاج المرأة إليه للنَّظر في طريقها،
والجواب عن ذلك أن يقال:-

إنَّ الذين أجازوا كشف الوجه لم يقيدوا ذلك بحاجة،
بل أجازو لها أن تكشف وجهها ولو كانت جالسةً في مكانها.

ثمَّ إنَّ الحاجة تزول باستعمال النقاب
الذي كان معروفًا على عهد النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-
كما يفيده قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المرأة المحرمة،
“لا تنتقب المرأة المحرمة”

فإنَّه دليل أنَّه من عادتهنَّ النقاب،
ومعلوم أنَّ المرأة إنْ فتحت لعينيها فتحتين بقدر الحاجة،
فإنَّها سترى الطَّريق ولكن يبقى النَّظر أيضًا في مسألة النقاب.
════════════════════

فإن النقاب و إن كان جائزًا في الأصل،
و لكنَّنا نرى بعض النساء و العياذ بالله توسَّعت به،
وصارت تُجَمِّل عينيها بكحل فاتن وغيره.

فلو قيل بمنع النقاب من باب سد الذَّرائع لكان له وجه؛
لأنَّ سدَّ الذَّرائع مبدأ شرعي دلَّ عليه الكتاب، كتاب الله عزَّ وجلَّ،
و دلَّت عليه السُّنَّة وسيرة الخلفاء الرَّاشدين.

ففي الكتاب يقول الله عزَّ وجلَّ:-
“وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ”

فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين مع أنَّه مطلوب شرعًا؛
سدًا للذَّريعة إلى سب الله عزَّ وجلَّ.

وفي السُّنَّة أحاديث كثيرة تدلُّ على درء المفاسد ومنع الوسائل إليها؛
ومن ذلك قول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن بيع الرَّطب بالتَّمر،
أينقص إن جفَّ؟ قالوا: نعم، فنهى عن ذلك.
════════════════════

وأمَّا سيرة الخلفاء الرَّاشدين في سد الذَّرائع فمنها:-
“إلزام عمر -رضي الله عنه- بالطَّلاق الثَّلاث”

فإنه كان في عهد النَّبي -صلَّى الله عليه و سلم-
و عهد أبي بكر  يكون واحدًا، ثمَّ إنَّه لمَّا رأى النَّاس قد تعجَّلوا في هذا الأمر،
واستعجلوا ما فيه لهم أناة؛ فألزمهم بالطَّلاق الثَّلاث،
ومنعهم من الرُّجوع إلى زوجاتهم من أجل أن ينتهوا عمَّا استعجلوا فيه.

فنجد أنَّ عُمَرَ بن الخطَّاب -رضي الله عنه-
منعهم ما هو حقٌ لهم وهو الرُّجوع إلى زوجاتهم؛
من أجل سد الذَّريعة إلى الطلَّاق الثَّلاث الذي يستعجلون بما فيه أناة لهم.

فإذا منعنا النقاب لا نمنعه على أنَّه حرام شرعًا،
وليس لأحد أن يحرم ما أحلَّ الله ورسوله،
و لكن نمنعه لأنَّه ذريعة ما يتحول إليه من الفتنة و الزيادة عن ما أحلَّ الله.
════════════════════

أمَّا بالنسبة للزَّوج فعليه من أن يمنع زوجته من كشف وجهها
ما دام أنَّه محرَّم أو أنَّه سبب للفتنة.

و الزَّوج قد يتضايق من أن يتحدَّث النَّاس عن زوجته فيُقَال:
“ما أجمل زوجة فلان” ، أو “ما أقبح زوجة فلان”

ولا يرضى أحد أن تكون زوجته محلاً للحديث في المجالس!
يتحدَّثون في قبحها إن كانت قبيحة في نظرهم،
أو عن جمالها إن كانت جملية في نظرهم.

فهذه أيضًا من الحِكَمِ التي تكون في ستر الوجه؛
وهو أنَّ الإنسان يسلم هو وأهله من أن يكون حديث المجالس.

══════════ ❁✿❁ ══════════

●●ملحوظة●●

الشَّيخ -رحمه الله- في حديثه عن “النقاب”
في نهاية جوابه -طيَّب الله ثراه- وقوله:
“فإذا منعنا النقاب لا نمنعه على أنَّه حرام شرعًا”

إنَّما يقصد بذلك النقاب الذي ظهر حديثًا وهو إظهار العينين،
وتوسَّع عند بعض النُّسوة وأصبحن يُظْهرن الأنف وما هو أكثر من ذلك!

وإنَّ الحجاب الشَّرعي الذي يجب على المرأة المسلمة،
هو حجب الوجه عمومًا والكَّفين ولا يظهر منها شيئًا أبدًا.

أمَّا “النقاب” الذي قصده الشَّيخ -رحمه الله-
بأنَّه أصبح وسيلة للمفاسد هو الذي ظهر في الآونة الآخيرة
كما وضَّحنا سابقًا وفيه إظهار العينين والأنف وربما الوجنتين.

فوجب التنبيه على ذلك؛
حتى لا يذهبن أحدٌ ويقول بأنَّ الشَّيخ -رحمه الله- يقول بعدم جواز النقاب!
══════════ ❁✿❁ ══════════

المصدر:-
●●هل على الزَّوج إثمٌ إذا ترك زوجتها كاشفة وجهها وكفَّيها؟●●

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى